الجمعة، 30 ديسمبر 2011

فن الجسد

فن الجسد ـ Body Art
مقرر (604ترف): اتجاهات الفن التشكيلي المعاصر وقضايا المجتمع
د. صـــــالح الزايـــــــــــر

إعداد: غزيل عبد العزيز آل ضرمان
دكتوراه تربية فنية
الفصل الدراسي الأول (1432/ 1433هـ)





1-   ظهور فن الجسد:
كان فن الجسد فن أواخر الستينات من أكثر الأشكال الفنية شيوعا وجدلا كما أنه انتشر في أرجاء العالم، ويمثل فن الجسم من جوانب عدة رد فعل ضد انعدام شخصية الفن المفاهيمي والفن المينمالي، وكما ذكر"فيتو اكونشي" أن الذي كان ينقص معظم فن ذلك العصر هو الوجود الجسدي لصانع الفن، ولكن فن الجسم هو أيضا امتداد للفن المفاهيمي والفن المينمالي.
وهناك عدة شخصيات أساسية قدمت أمثلة مؤثرة منها "مارسيل دوشامب" الذي كان قانونه يعني على أن أي شيء يمكن أن يستخدم كعمل فني والذي كان أول من استخدم الجسم كخامة أو مادة.
2-   معنى فن الجسد:
يعرف فن الجسد بأنه هو الفن الذي يستخدم الجسم كوسيلة فنية، وعادة ما يكون جسد الفنان نفسه، ونجد أن الجسم هو العمل الفني نفسه, وبذلك يشترط أن يقوم الجسد الحي بالمهمة ليقدم العمل الفني وليس الماليكان ... أي أن الخامات الموجودة والمستخدمة فيه هو الجسد الحقيقي ـ وبمعنى آخر أن عرض مفهوم فن  الجسد  أو حتى عن فن الأداء ـ يعتمد اعتمادا كليا على الجسد الحقيقي الفيزيقي ـ والفعل التمثيلي الذي يمنح القدرة على الإحساس بإيقاع الزمن الذي يجسد المعنى ـوهذا يعنى الحركة التي تحاكى الواقع من خلال اختزال اللغة التقليدية في مقابل المشاركة الفعالة بين مجموعة من العناصر داخل قوام العرض فالجسد بكليته الفيزيقية هي التي تعبر عن الحدث النفسي أو الفكري ليكون هو ذاته محورها.. كما في أعمال الفنان " أيفن كلين- Yves Klein" شكل (1 ، 2) .




 
الهدف من فن الجسد:
لقد اعتبر الفنانون أجسادهم وأرواحهم مادة تشكيلية لأعمالهم الفنية، ليقترب الفنان من الحدوثية ويتخلى عن المعايير الجمالية والأخلاقية بتمثيل حركات تشبه بعض الممارسات الطقوسية البدائية، وتقدم أعمالهم نحتا اجتماعيا كنوع من الواقعية الاجتماعية الإدراكية. كما في أعمال فن الجسد للفنان العالمي "دينيس أو بنهايم Denis Oppenheim". شكل (3) والتي بعنوان (وضع القراءة) حيث يتكون من صورتين فوتوغرافيتين تسجلان حدوث حرق شمسي على صدر الفنان نفسه, ويختفي أثر الحرق الشمسي بفعل كتاب مفتوح كان على صدره, بينما الجزء الباقي معرض للشمس. وقد اضطر أوبنهايم للتعرض لشيء من الألم لأداء هذا العمل, فالماسوشية (التعذيب) هي صفة ملازمة للفن الجسدي.



 
ومن هنا نجد أن الاعتماد على الجسد الآدمي الحقيقي كمادة فيزيقية وفعل تمثيلي يمنح القدرة على الإحساس بإيقاع الزمن الذي يجسد معنى الحركة ويحاكى الواقع من خلال اختزال اللغة التقليدية للعمل الفني في مقابل المشاركة الفعالة بين مجموعة من العناصر داخل قوام العرض, فالجسد بكليته الفيزيقية والتعبيرية يعبر عن الحدث النفسي أو الفكري ليكون هو ذاته محورها كما في شكل (4).


والفنان"كرس بوردين" يظهر الفنان مصلوباً على ظهر سيارة فولكس فاجن، ذهب ممارسة فن الجسد إلي آفاق عديد منها تعذيب الذات وتعذيب الآخرين وتشويه الذات لعرض رد فعل الجسد مع الفن ومع العالم عادة من ناحية القمع والظلم والوقوع كضحايا.
أما "جينا بان "Gina Pane فقد قطعت نفسها بدقة وكأنها نموذج للتفصيل بشفرات ماكينة الحلاقة, وكذلك أورلان Orlan التي أجريت لها 17 عملية جراحية في أحد أعمالها, والتي بدأت أعمالها منذ عام 1990, والذي كانت تزعم بفخر أنها أول فنان يستخدم الجراحة كوسيط أو وسيلة فنية وأول من غير الهدف من صراحة التجميل،  فقادت نفسها بذلك العمل إلى نوع من الماسوشية السادية حيث التلذذ بإنزال العذاب بالنفس وبالآخرين.
           وهناك أمثلة أخرى على فن الجسد الذي من المحتمل أن يكون قد استخدم لإظهار أيضا نوع من إنزال العذاب بالنفس


كذلك ظهرت عدة أساليب استخدمها فنانو الجسد تؤكد على إخضاع أجسادهم إلى نوع من الإهانة, وبذلك أصبح الجسد كسلعة استهلاكية, كما في أعمال "بروس نومان" حيث قام بعمل رسم العلاقات والنقشات على الجلد, وكذلك أعمال الفنان "رودلف شوارز كوكلير". فالعمل يمثل صورة فوتوغرافية للفنان, تمثله وهو مستلقي على الأرض وقد تمسك بقضبان من الحديد لأحد الأبنية في الشارع العام, محاولا رفع جسده الممدد على الأرض, وقد وضع تحت جسده الذي تسيل منه الدماء قطعة قماش بيضاء وقد تلطخت بالدماء جراء الجروح والكدمات, وفتح قدميه في كلا الاتجاهين مبتعدتان عن جسده وكأنه في حالة من التعذيب.
         وهكذا أصبح الجسد الإنساني مركزا مهما في مراكز المجتمع الاستهلاكي الذي يسعى إلى استغلاله واستثماره سواء من خلال الدعاية والإعلان عن منتجات المجتمع الاستهلاكي, أو كجسد مادي يمنح المتعة واللذة الشهوائية, فقد أصبحت الذات الإنسانية كالشيء أو الغرض مما يؤدي إلى تهميش قيمة الإنسان الحقيقية.
وهذه الأعمال الفنية مؤلمة ومليئة بالمخاطر ومسيئة للذات تنتشر فيها النزعات السادية والماسوشستية، وظهر في أوروبا مجال مماثل استكشفه الفنان الإنجليزي ستيورات بريسلي (ولد عام 1946) والفنانة الصربية مارينا ابراموفيتش (ولدت عام 1946) والفنانة الإيطالية جينا بان (ولدت عام 1939 وتوفيت عام 1990) والفنان النمساوي رودولف شوارز كوجلر (ولد عام 19441 وتوفي عام 1969).
فكانت أعمالهم المتطرفة تتميز بالتفوق والدوام والبقاء وتنطوي على بتر أو تشويه للذات وعلى آلام طقوسية، وكان العنف وتعذيب الذات من صفات فن الجسد التي لم تخف حدتها حتى الآن.
 ظهرت أعمال أخرى قد تختلف في هدفها عن أهداف الأعمال السابقة, فأصبح مفهوم الفن في أعمالهم هو الحياة والجسد حيث لا يقدم أي هدف للعمل سوى العمل الممثل في الفكرة، ليلغى المسافة الفاصلة بين الفن والواقع وليتخطى كل المقاييس والمفاهيم الفنية التقليدية ويعمل على إثارة الجمهور بعنف، عن طريق اللغة الحركية لأجسامهم وأرواحهم، واللغة المقروءة والمسموعة كجمل كلامية لعمل أساليب شاقة ومذهلة وقبيحة بعض الشيء.



Phillip Levine
فنان بريطاني أصيب بالصلع مبكرا، فاتخذ من رأسه لوحة لرسوماته و بمساعدة الرسامة المتخصصة في الرسم على الجسد (Kat Sinclair) يقوم فيليب بوضع رسوماته على رأسه و كان أكثر أعمال فيليب تميزا كانت إلصاق أكثر من 1000 كريستاله من سوار وفسكي على رأسه!!



 
Phillip Levine
فنان بريطاني أصيب بالصلع مبكرا، فاتخذ من رأسه لوحة لرسوماته و بمساعدة الرسامة المتخصصة في الرسم على الجسد (Kat Sinclair) يقوم فيليب بوضع رسوماته على رأسه و كان أكثر أعمال فيليب تميزا كانت إلصاق أكثر من 1000 كريستاله من سوار وفسكي على رأسه!!



فن الرسم أو البخ على الجسد (طلاء الجسم)
        طلاء الجسم وهو شكل من أشكال الفن على عكس الوشم. وهو طلاء للهيئة مؤقتا مرسومة على جلد الإنسان، ولا يستغرق سوى عدة ساعات، أو على الأكثر كما في "نقش الحناء" ويبقى لبضعة أسابيع. و يفضل فيه استخدام ألوان لا تسبب الحساسية للجلد.
وفي أحد أعمال بعض الفنانين كان يتم الرسم على أجزاء من جسد فتاة عاري بصبغات ملونة تغطى بها الصدر والرقبة و الوجه حتى أسفل البطن ـ ويختفي جسم الفتاه كأنها تلبس ملابس ملونة وترتدي أقنعة على وجهها.